الثلاثاء، 18 نوفمبر 2008

إصحى يامصري

ركز جيدا مع هذا المقال......ركز......ركز......لما تغمض عينك وتفتحها ستجدهم سلبوك حتى بيتك. الموضوع جد خطيييييير

لنا الكوبونات ..ولهم التاج والثروة


دكتور / إيمان يحيي : البديل 18/11/2008
أيام قليلة وتبدأ أكبر عملية نصب في تاريخ مصر المعاصرة. لم يعد يكفي، أننا قد تحولنا إلي دولة إجرامية عظمي، بل جاء وقت الإبداع الإجرامي للإعلان عن أكبر عملية نهب لأكثر من 70 مليوناً من سكان مصر ولأجيال مقبلة من المصريين. لعلكم تتذكرون الأوبريت الإذاعي "عوف الأصيل"، وكيف تلقي غريمه من شيخ قبيلة البدائيين"تاج الجزيرة" والذي لم يكن سوي سُلطانية الطرشي، فصرخ بعد أن دفع دم قلبه"السُلطانية"!. ذكّرتني حكاية"كوبونات"الأخوين "جمال ومحمود تشوبايس" بحكاية التاج-السلطانية. وكعادة حكايات "النصب" تبدو ألاعيب النصابين متشابهة، تكرر نفسها وكأنها كوميديا رخيصة تتسم بالتكرار الممل.أول من لعب لعبة كوبونات الخصخصة، كان الأخ " أناتولي تشوبايس" الذي رأس لجنة الخصخصة العليا في روسيا في بداية التسعينيات. لذا فإن براءة الاختراع والسبق له وليست للمتدربين الناشئين "جمال مبارك" و"محمود محيي الدين". قام الرجل بحساب ثروة المأسوف علي شبابها روسيا وقام بتقسيمها علي كوبونات، وكان كريماً فوزعها علي كل سكان روسيا من بالغين وأطفال ورُضع ولم يقصرها علي البالغين كما يخطط الأخوان "تشوبايس" في مصر. ولقد تابعت لعبة الكوبونات الروسية عن قرب، يسمح لي بحكاية تفاصيلها وماَسيها. ولعلها فرصة لكشف ما سيحدث في مصر، وما يتم من فرض إطار من السرية والضباب عليه. غالباً ما يصاحب السرية روح المؤامرة، فما بالك والأمر يتعلق بثروة مصر كلها وهي ملك للمصريين جميعا. هكذا فوجئنا بإعلان بيع مصر بالكوبونات بين يوم وليلة دون مناقشة، وكأن الأمر يتعلق بهبة تُعطي من جيوب حاكمينا!. وهنا يجدر أن نذكر بأن نمط "الدولة الإجرامية" تتسم آليات اتخاذ القرارات فيه بالسرية وأخذ الجمهور علي حين غِرة كما يفعل النصاب مع فريسته.ما الذي فعله تشوبايس وحدث في روسيا؟تم توزيع الكوبونات علي الشعب الروسي، وكانت قيمة الكوبون عشرة آلاف روبل. كان أغلب الروس يسكنون بالإيجار في مساكن حكومية، فوضع البعض كوبوناتهم في عملية خصخصة شققهم، بينما فضل البعض بيعها والحصول علي ثمنها نقداً. أما الباقي فوضع الكوبونات في شركات الاستثمار في البورصة للحصول علي الأرباح. كان بائعو الكوبونات من البسطاء يتخلصون منها بنصف الثمن، وكان السماسرة يقفون بالعشرات في الشوارع ومحطات المترو لشرائها وهم يعلقون يفطا بشرائها علي رقابهم. عندما انتهت اللعبة فوجئ الجميع بأن سماسرة الشارع كانوا يجمعون الكوبونات لكبار المحتكرين ليشتروا بها مصانع ومنشآت بثمن بخس. تلك المرافق والمنشآت كان الشعب قد دفع ثمنها من عرقه أكثر من سبعين عاماً ومن دمائه التي أريقت خلال الحرب العالمية الثانية. ثم كانت المفاجأة الأكثر إيلاماً وهي حصول من وضع الكوبونات في شركات ادارة الاستثمار علي أرباح لا تتعدي بضعة قروش ولا تكفي الحضور لصرفها بالمواصلات العامة! ومن تم تخصيص مصنعه فوجئ بأن بضعة من أعضاء مجلس الادارة السابقين في العصر السوفيتي يحصلون علي 95% من الأسهم بينما بقي 5% فقط في أيدي العاملين. بعد عامين من هوجة الكوبونات ظهرت الحقيقة عارية، أصبحت البلد علي الحديدة واكتشف الجميع السرقة الكبري التي تمت. اتفق الجميع من الاتجاهات كافة علي أن" خصخصة الكوبونات" الروسية هي أكبر عملية نهب للثروة القومية في القرن العشرين بعد الاستعمار الأوروبي لدول العالم الثالث. كانت "الكوبونات" هي بداية حكم المافيا الحقيقي وتغلغله من القمة حتي مستوي الشارع عبر شبكة إجرامية محكمة من تنظيمات أفقية ورأسية تغلغلت في نسيج المجتمع. كانت قيادة المافيا تضم "تشوبايس" و"تاتيانا" ابنة الرئيس "يلتسين" وكبار رجال الرئاسة.تطلبت عملية استعادة سيطرة الدولة علي صناعات النفط والطاقة والتعدين والمرافق الأساسية، من" بوتين" فيما بعد ثماني سنوات. كان الأمر شاقا وصعبا، وحتي الآن مازالت روسيا بكل جبروتها وإمكانياتها الاقتصادية الكبيرة تتعثر من نتائجه الكارثية.إذن، ما الجديد الذي تحمله خطة " الأخوين تشوبايس" المصرية؟، ماهي أهداف "كوبونات الخصخصة" التي يتم التعمية عليها وسط ضباب السرية ودخان الصياغات الغامضة والمتناقضة؟تستطيع بعض النقاط التالية الاجابة علي جزء كبير من تلك التساؤلات.أولاً تبدو خطة "الأخوين تشوبايس" بتعقيداتها البالغة وتقسيم الشركات الخاضعة لها إلي ثلاث فئات، وكأنها عملية خلط أوراق متعمدة، أو عملية تمويه واضحة لإخفاء آثار جرائم الخصخصة التي تمت من قبل أو التي سوف تتم لاحقاً.لم يخف أحد الأمر، فقد قالوا انها للتغلب علي معارضة بيع شركات القطاع العام والتخلص من اللغط الذي يدور حولها.ثانيا كما يقولون "اطعم الفم تستحي العين"، تبدو الكوبونات كرشوة صغيرة لفقراء المصريين كي يغضوا النظر عن نهب ثروات البلاد. رشوة تتراوح بين 400 و2000 جنيه، تجعل الجميع مشاركين في تبديد الثروة القومية فتنغلق الأفواه وتثقل الضمائر بالذنب. لكن ما لايدركه الأخوان "تشوبايس" أن ثلاثة أرباع الواحد والأربعين مليوناً من المخدوعين سوف يبيعون الكوبونات علي الفور ليأخذوا بضع مئات من الجنيهات، ويصرفوها في عدة أيام «أحسن من عينهم»، ثم يعودوا بعدها ساخطين علي الحكم وناقمين علي اللصوص الكبار. لذا تبدو الكوبونات خطوة فاشلة في سبيل إضفاء شعبية علي "الوريث" في طريقه إلي سدة الحكم. ثالثا تخلط خطة الكوبونات المصرية بين تقييم أصول الدولة المصرية- و هو أمر مرغوب بالطبع- وبيع تلك الأصول. ولعل الهدف الكبير للكوبونات هو القيام بخصخصة قطاعي الصحة والتعليم. وهما القطاعان اللذان يسيل لعاب الاحتكاريين الكبار لالتهامهما بعد أن استولوا علي الشركات الرابحة وأراضي الدولة، ولايستطيعون الاقتراب منهما بسبب ضغوط الرأي العام. تبدو مصر مثل" ليمونة" يقوم اللصوص الرأسماليون بعصرها حتي آخر نقطة في عصيرها. ستؤدي خطة الأخوين تشوبايس المصرية إلي سيطرة قلة احتكارية علي ثروة البلاد بأكملها بعد انقشاع دخان الكوبونات.رابعاً تفتقد لعبة الكوبونات المصرية لأي أساس أخلاقي أو قانوني. هي تستبعد ماهم أقل من 21عاماً من العمر. وهل ثروة البلاد لا تخص الأجيال المقبلة من شباب وأطفال، بل أجيال لم تولد بعد؟!. ثروة وأصول مصر تكونت وتراكمت عبر العصور. في عصرها الحديث عبر مشروعي محمد علي وعبد الناصر، فمن منح الأخوين "تشوبايس" حق تبديدها والتصرف فيها دون أخذ رأي أجيال سابقة ومقبلة؟!. ماذا عن شهداء الحروب، التي خاضتها مصر من أجل الدفاع عن أرضها وأصولها. لو عرفوا أن مصير دمائهم وأرواحهم سيذهب إلي جيوب قلة من اللصوص، لكانوا ضنوا بأرواحهم علي وطن يوافق علي بيع دم أبنائه. أمام الجميع- نخبة وشعباً- مهمة كبري، وهي إيقاف أكبر عملية نصب ونهب لثروة مصر. لو تمت تلك العملية لدخلنا التاريخ كهادمي مصر الحديثة. تلك التي بناها محمد علي وإسماعيل وعبدالناصر، وجاء جمال مبارك ليهدمها في أسبوعين بفضل الكوبونات إياها

ليست هناك تعليقات: