الخميس، 16 يناير 2014

ياحبيبي يارسول الله

ناجح إبراهيم

سلامٌ عليك يا سيدى يا رسول اللهناجح إبراهيم (من مقال في المصري اليوم)


سلامٌ عليك يا سيدى يا رسول الله يوم وُلدتَ ويوم قُبضتَ ويوم تُبعثُ حياً.. سلامٌ عليك يا سيدى فى الأولين والآخرين.. وفى الملأ الأعلى وفى أعلى عليين.

■ سلامٌ عليك من كل مَن اهتدى على يديك.. ومن كل مَنْ تعلَّم منك الرحمة والرفق والإنسانية والشجاعة والكرم والعطاء.. ومن كل من تعلم منك الطاعة والعبادة.

■ ومن كل نفس بثثت فيها الخُلُقَ والأدب والحياء.. وأنت القائل «لكل دين خُلُق، وخُلُقُ ديننا الحياء».

■ يا سيدى يا رسول الله، لقد علّمتنا أن نكره المعصية ولا نكره العاصى.. ونكره الفسق ولا نمقت الفاسق.. فلو أنك كرهت العاصى والفاسق فكيف تدعوه وأنت تكرهه وتتكبر عليه؟!.. وكيف يقبل منك نصحاً أو رشداً أو دعوة؟!

■ يا سيدى، قد أتاك الصحابة برجل من أصحابك شرب الخمر خمسين مرة فلمَّا أقيم عليه الحد قال بعضهم: «اللهم العنه.. ما أكثر ما يؤتى به».. فقلت يا سيدى برحمتك وشفقتك المعهودة: «لا تلعنوه، فإنه يحب الله ورسوله».

■ يا سيدى، كم يحتاج قومنا اليوم إلى مثل هذه الكلمات.. فقومنا اليوم يكفّرون ويفسّقون ويخوّنون ويلعنون الصغير والكبير، والصالح قبل الفاسق، والعالم والسياسى والعسكرى والإسلامى.. لم يتركوا أحداً إلا وقذفه البعض بسهام ألسنتهم مادام مختلفاً معه فى توجهه السياسى.

■ علّمتنا يا سيدى أن نكره الكفر ولا نكره الكافر.. فها أنت يا سيدى يا رسول الله تحاول جاهداً لكى يُسلم عمك أبوطالب الذى أحبَّك وأحببته، وناصرك وأيَّدك ومنع عنك أذىً كثيراً.. ولولا الحكمة الربانية فى عدم إسلامه لكان أول المسلمين.. فلما قيل لك: ماذا نفعت أباطالب؟.. أخبرت القوم «أنه أقل الناس عذاباً يوم القيامة».

■ يا سيدى، رحمتك وشفقتك تتعديان الحدود.. أنت دوماً تعلّمنا الحب لا الكراهية والرحمة لا القسوة.. والإقبال على الناس لا الإدبار عنهم.. علّمتنا ألا ننبش فى السرائر والضمائر.. وأن نَكِلَ سرائر الناس إلى رب الناس.. وأن نأخذ الناس بظاهرهم وما بدا من أعمالهم وأفعالهم.

■ يا سيدى، أدرك رعيتك.. فقد فشت فيهم الكراهية، ونزغ بينهم الشيطان، وصار كل حزب بما لديهم فرحين.. أصبح بعضهم يعادى الآخر أكثر من عداوته لمن احتل أرضهم وشرَّد أبناءهم واستولى على مقدساتهم.. لقد صار بأسهم بينهم شديداً.. فقد يغفلون عن صلاتهم وزكاتهم وصدقاتهم وعبادتهم.. ولكنهم لا يغفلون عن الصراع السياسى على كراسى زائلة ومناصب متبدلة قد تكون وبالاًعلى أهلها فى الدنيا والآخرة.. فأهل المناصب هم الذين يزورون السجون اليوم.. ولا ندرى ماذا يُفعل بهم غداً «يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»

■ علّمتنا يا سيدى كيف يحب بعضنا بعضاً.. وأمرتنا بالتهادى كسبيل للمحبة «تهادوا تحابوا».. واليوم يا سيدى يهدى كل منا الآخر طلقة أو شتمة.. أو قنبلة غاز أو سيارة متفجرة.. فإن لم يكن فكلمة نابية تصنع العداء وتطفش الأصدقاء.

■ يا سيدى، أدرك أمتك التى ناداها ربها «وَقُولُوا للنَّاسِ حُسْناً»، للناس كلِّ الناس بلا استثناء.. المسلم وغير المسلم.. الصديق والعدو.. القريب والبعيد.. المتفق معى سياسياً أو المختلف.. فإذا بالقول الحسن يتبدل ليحل محله بذىء اللفظ وفاحش القول.. ولم يسلم من ذلك منبرك الشريف يا سيدى.. ونراه فى التعليقات على المقالات أو الأخبار.. شتائم يندى لها الجبين.. شتائم لم تترك إسلامياً ولا وطنياً ولا سياسياً ولا عسكرياً ولا شرطياً ولا مهتماً بالعمل العام إلا وطالته.. أدرك أمتك يا سيدى قبل أن يتلوث لسانها ويسود قلبها وقلمها.

■ وختاماً: نعاهدك يا سيدى يا رسول الله أن نحاول قدر جهدنا أن نتبع هديك ما استطعنا إليه سبيلاً.. فلا نظلم حتى من ظلمنا.. ولا نحرم من حرمنا، ولا نقطع من قطعنا.. لنعيش بالإحسان مع خلق الله.. وهى درجة أكبر وأعلى وأعظم من العدل.. وهى درجة الصدِّيقين والأولياء والأصفياء الذين لا يدورون حول ذواتهم.. ولا يدندنون حول جاههم.. ولكنهم يدورون مع أمر الله حيث دار.

ليست هناك تعليقات: