الخميس، 15 مارس 2012

لن ننهض أبدا ونحن نبخس القمم حقها

من جريدة المصريون الإلكترونية أقتبس هذا المقال الذي يعرفنا بأحد القيم العلمية بمصر والتي ربما لايسمع عنها أحد........ إنه الدكتور عبد المنعم عبد الحليم أستاذ التاريخ القديم والآثار...

رحيل العالم الذى دحض افتراءات الصهاينة


   
على القمَّاش   |  15-03-2012 14:28 

فى زيارة لى مؤخَّرًا للإسكندرية اتصلت لأسأل عن الدكتور عبد المنعم عبد الحليم- أستاذ التاريخ القديم والآثار بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية- فجاءت الإجابة: تعيش أنت.

أصابنى الوجوم وحزن عميق لا شاطىء له؛ إذ كيف لعالِم جليل فى هذا الحجم من العلم والوطنية يرحل دون أدنى إشارة فى أى صحيفة أو برنامج أو خبر، ولو كان مثل ما يحمله من هموم للوطن وعلم فى أى بلد لأُقيمت له جنازة رسمية والتف علم الوطن حول جثمانه وسط أفضل تكريم.


الدكتور عبد المنعم عبد الحليم لمَن لا يعرفه كان العالِم الأول فى مصر والعالم العربى بل العالم كله، علمًا باللغات المصرية والعربية القديمة وأصولها، والتفرقة بين اللغات البُدائية الأولى وفى المناطق المختلفة وأهمها سَيناء.
وكان شاغله الأول- بحكم تخصُّصه- الرد على مغالطات وافتراءات الصهاينة، ودحض آرائهم التى سعت إلى تشويه إنجازات مصر الحضارية، وكانت ردوده مفحمة؛ إذ إنها بالأدلة العلمية ومن عالم متخصص ومتمكن.


ولعل من أهم كتبه كتاب حمل عنوان "المغالطات والافتراءات على تاريخ حضارة مصر الفرعونية والرد عليها وتفنيدها من واقع الأدلة الأثرية"، وهو كتاب أرجو من وزارة الآثار أو وزارة الثقافة أو أى دور نشر وطنية شريفة أن تعيد طباعته، وأن تقوم وزارة التعليم بالاستفادة مما حواه فى مقررات الدراسة.
فالكتاب يحوى الرد العلمى على عشرات المغالطات الصهيونية والتى تحاول تشويه حضارة مصر وسحب إنجازاتها الحضارية الكبرى ونسبها لإسرائيل مستغلين سطوة وإمكانيات وسائل الإعلام الأجنبية للترويج لهذه الأكاذيب وإظهارها كأنها حقائق لتختلق تاريخًا وهميًّا لإسرائيل يجرى التعامل معه على أنه حقيقة.
علمًا بأن أغلب أصحاب هذه المغالطات من الأجانب لم يعلنوها عن جهل أو عدم معرفة بحقائق حضارة مصر الفرعونية؛ فالكثير منهم يعلم تمام العلم هذه الحقائق، وإنما أتت دوافعهم عن رغبة دفينة وغرض خبيث هو التقليل من شأن ووزن مصر الحضارى.


ومن أبرز المغالطات التى فنَّدها ودحضها العالم الوطنى الدكتور عبد المنعم عبد الحليم.

  • تفنيد الادعاء بأن العبرانيين- بنى إسرائيل- ساهموا فى بناء الأهرام.
  •  وكذلك تفنيده الادعاءات الصهيونية التى تهدف إلى سحب الإنجازات الحضارية والانتصارات الحربية المصرية من المصريين ونسبتها إلى حكام بنى إسرائيل.
  • وتفنيده الادعاء بأن الأهرامات والمسلات شيدها شعب أجنبى واستخدم فى بنائها أساليب متقدمة غير معروفة للمصريين القدماء.
  • وتفنيده ما ورد فى كتاب العالِم الصهيونى فلايكوفسكى "عصور فى فوضى" عن زعمه بأن معبد حتشبسوت تقليد لمعبد الملك سليمان فى أورشليم، والزعم بأن الملك تحتمس الثالث نهب كنوز معبد سليمان، والزعم بأن الملك أمنحتب الثانى انهزم أمام الملك اليهودى اسا.
  • وتفنيده الادعاءات ذات الطابع الصهيونى التى تهدف إلى إنكار إنجاز الفكر المصرى القديم فى التوصل إلى عقيدة التوحيد.
  • وتصحيح الأخطاء التاريخية التى انزلق إليها بعض الباحثين غير المتخصصين فى الآثار المصرية القديمة.
  • تصحيح الخطأ الشائع بأن الفينيقيين هم مخترعو الحروف الأبجدية وإثبات أن الكتابة المصرية الهيروغليفية هى الأساس الأول لاشتقاق الحروف الأبجدية المنتشرة فى العالم اليوم.
  • إثبات أن سيناء مصرية منذ فجر التاريخ.

ولم تتوقف الجهود العلمية للدكتور عبد المنعم عبد الحليم عند التاريخ المصرى القديم، بل امتدت جهوده وعلمه إلى جذور الحضارات العربية القديمة، وهو ما زخر به مؤلَّفه الكبير "البحر الأحمر وظهيره فى العصور القديمة"، وما حققه بشكل علمى وعملى من حقائق وإنجازات عن اكتشاف الميناء المصرى القديم الذى كانت تبحر فيه السفن المصرية القديمة فى البحر الأحمر، ومنها ترجمة ونشر نقوش جديدة محفورة على صخور الجزيرة العربية (سبئية وحِميرية ومَعينية)، عندما كان يعمل أستاذًا للآثار فى كلية الآداب بجامعة جدة بالسعودية.

لقد قدم الدكتور عبد المنعم عبد الحليم للثقافة المصرية والعربية والعالمية العديد من الكتب والمراجع المهمة، كما كتب عشرات المقالات، معظمها فى دحض الافتراءات الصهيونية والرد على الصهاينة ويا لَلأسف- بعض المصريين غير المتخصصين ممن صاروا فى ركابهم.


إن ما قدمه الدكتور عبد المنعم عبد الحليم من أعمال علمية عظيمة تستحق وتستوجب حفر اسمه بحروف من نور، وتوجب على كل مصرى ووطنى شريف تكريمه أعظم تكريم. فمن المؤسف أن يرحل عالم فى مثل هذا الحجم دون أى ذكر أو تكريم، وكأننا نشارك الصهاينة فى التعتيم على هذا العالم الجليل، ويجىء ذلك- ويا للأسف- رغم ما كنا نظنه من أن مصر بعد ثورة يناير سوف تحتفى بالعلماء الأجلاء. فمازال الإعلام والصوت العالى للكومبارس والراقصات ومدَّعِى البطولات.
 

ليست هناك تعليقات: