الجمعة، 5 نوفمبر 2010

إنتبه قبل أن تشتري...الأرض فيها ملح قاتل

هل يعني المقال التالي أن الواحد منا سيخرج يوما من بيته إلى عمله في لنش أو "صال" مثلا أم أن هذه الدراسات ربما تكون غير دقيقة؟ لاأدري فماأراه بعيني هو النحر الشديد في شواطئ دمياط وخاصة من ناحية رأس البر وعزبة البرج،
 أما موضوع الغرق الذي يتحدث عنه المقال فليس له أي شواهد حقيقية وإن حدث فلن يحدث بين يوم وليلة.
بالنسبة للدمايطة وأهالي باقي المحافظات المشابهة فلاأعتقد أن هناك مشكلة في التعايش مع الوضع حال حدوثه فهذه أرض الأجداد والأماكن المهددة معظم ساكينيها صيادين "يعني أولاد مية" ومن ثم فان المئة عام التي يتحدثون عنها قد تكون بالنسبة لنا أكثر من 150 أو 200 سنة.
مايجب فعله الآن والمهم هو الإهتمام بأساسات المباني الجديدة وفي حال تجهيز بيت للسكن الدائم فيجب البعد قدر الإمكان عن السواحل.
ولذلك يجب أن ينتبه من يدفع تحويشة عمره في قطعة أرض في الإمتداد العمراني لرأس البر أو مدينة دمياط الجديدة من هذا الخطر وخاصة إن لم يكن من أهل البلد.
تخيل مثلا أن الخطر بدأ في التحرك ناحيتنا، وأنه خلال الخمسين سنة القادمة سيزيد إرتفاع منسوب البحر مثلا 30سم  فما الذي سيحدث ليس للأرض الزراعية التي لايتحدثون إلا عنها وإنما للمباني؟
 بالطبع الوضع سيكون كارثي فمثلا مكان كدمياط الجديدة حيث الأرض رملية والتربة عائمة على بحيرة من المياه المالحة "يعني مش ناقصة"  سترتفع  المياه الجوفية بنفس النسبة وستؤثر سلبا على أعمار المباني وخاصة إن كانت غير مؤسسة بحديد وأسمنت مقاومين للأملاح وليس ذلك لأساس المبنى فقط وإنما على الأقل للدور الأول منه.
 الوضع يبدو لي في غاية الخطورة ويجب أن يعي الذين يودون البناء في هذه الأماكن لطبيعة الموقف حتى لايجلبوا اللعنات على أنفسهم من أحفادهم.
ولي كلمة أخيرة موجهة إلى حكومة العباقرة التي لم تلد مثلهم وللادة. لماذا لايبدأوا من الآن ليس في بناء دفاعات فقط وإنما في البحث عن خطط لكيفية التعايش مع الموقف.
 وإليكم فكرة بسيطة مناسبة جدا لرأس البر وهي تتلخص في تحويل رأس البر إلى فينسيا الشرق. فقط إبدأوا من الآن في عمل كود للمباني مناسب لماسيكون عليه الوضع أثناء الكارثة وكذلك لخطوط الكهرباء والمجاري وعندما تأتي المياه وترتفع في شوارع رأس البر سيجني الدمايطة أضعاف أضعاف مايجنونه الآن من النشاط السياحي.
هذه ليست نكتة بالطبع ولكنه تفكير يمكن أن يطبق وبأقل التكاليف لمحاولة التعايش مع الأزمة. بالقياس على ذلك يمكن أن نبدأ بتغيير أيضا زراعي بمراعاة زيادة ملوحة أراضي الدلتا ومايترتب عليه من تغيير إلى محاصيل عندها القدرة على التعايش مع هذه الملوحة.


وإليكم المقال
هل تعلم أنك لابد أن تطلع على "أطلس مخاطر التغيرات المناخية على  السواحل المصرية"، قبل أن تشتري بيت أو قطعة أرض في أي مكان بمصر، وذلك لتتأكد من  صلاحية هذا المكان للإقامة فيه في المستقبل القريب؟ فقد يكون ضمن المناطق التي قد  تغمرها مياه البحر بالمياه في المستقبل.

نعم هذا ما تؤكده الدراسة التي عكف عليها ثلاثة أعوام الدكتور خالد عبد  القادر عودة الأستاذ المتفرغ لعلوم الطبقات والحفريات بقسم الجيولوجيا – جامعة  أسيوط، ما بين مكتبه الصغير بالكلية، أو متجولا على سواحل مصر.

عودة ومحاولات للإنقاذ

ما دفعه لإجراء هذه الدراسة، نتائج دراسة علمية للبنك الدولي أعدها  مجموعة من العلماء والخبراء في فبراير٢٠٠٧ على نحو٨٤ دولة من الدول النامية لمعرفة  تأثير ارتفاع منسوب سطح البحر على هذه الدول باستخدام جميع المعلومات الواردة من  جميع المحافل والمعاهد العلمية، جاء فيها أن تأثير هذا الارتفاع على السكان  والزراعة والأراضي الرطبة والآهلة بالسكان والخسائر الاقتصادية سيكون أشد ضرراً  وأكثر قسوة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عنه في جميع دول العالم النامية الأخرى،  وأن جمهورية مصر العربية هي أشد الدول النامية تعرضاً للخسائر في حالة ارتفاع منسوب  سطح البحر متراً واحداً، وأن هذه الخسائر تشمل نزوح نحو١٠ % من إجمالي سكان  الجمهورية من أراضيهم ومدنهم.
كل هذه المعلومات والبيانات المرعبة والمنذرة بخطر آت لا محالة جعلت  العالم المصري خالد عودة يفكر كيف يساعد في إنقاذ الشعب المصري، وبعد دراسات  ومقارنات ورحلات علمية عكف عليها طوال السنوات الثلاثة الماضية خرج لنا بما يسمي  "أطلس مخاطر التغيرات المناخية على السواحل المصرية".
هذا الأطلس يضم أول دراسة علمية موسعة وتفصيلية لطبوغرافيا السواحل  المصرية، التي يبلغ طولها نحو ٣٥٠٠ كيلو متر، بناء على المعلومات والبيانات المحدثة  الواردة من مكوك البعثة الطبوغرافية للرادار بوكالة ناسا للفضاء، ويهدف إلى تعيين  مواطن الضعف في هذه السواحل وبصفة خاصة ساحل الدلتا، وعمليات النحر الطبيعي  والتجريف البشرى، التي تعرضت له خلال الربع قرن الأخير، والبحيرات الشمالية وما  تعرضت له من عمليات تجفيف وتقليص.
ويتضمن الأطلس أيضاً تفصيل للمخاطر التي تواجه السواحل المصرية على  خرائط طبوغرافية تم تصميمها لكل شاطئ من شواطئ هذه السواحل، مع تحديد مصادر التهديد  في كل ساحل، وتفصيل الثغرات التي تتخلل خطوط الشواطئ، والأحزمة الرملية للبحيرات  والخلجان، والجسور الغربية لنهر النيل فرع رشيد، والجسور الشرقية لفرع دمياط،  والجسور الغربية لقناة السويس، ومساحات الأراضي السكانية والزراعية والصناعية  المهددة بالاجتياح، والمدن والأحياء والقرى والعزب والأراضي الزراعية المهددة  بالحصار والانعزال نتيجة الاجتياح البحري، بسبب الارتفاع العالمي لمنسوب سطح البحر  عن المنسوب الحالي بحد أقصى متر واحد.
ولم يقتصر الأطلس والدراسة على رصد الكوارث المتوقعة فقط، ولكن الدكتور  عودة وضع بين أيدي المسئولين السياسات الدفاعية التقليدية وغير التقليدية، الواجب  إتباعها لتلافى هذه المخاطر، أو الحد منها، أو التكيف معها.
كما أكد أن هناك فرصة ذهبية لتحويل التهديد القادم من البحر إلى فرصة  تنموية تستفيد منها مصر إذا ما قامت بتفعيل حلول ذاتية غير تقليدية لمواجهة مخاطر  الارتفاع فى منسوب سطح البحر الأبيض المتوسط على الساحل المصري الشمالي، تقوم هذه  الحلول على استغلال طوبوغرافيا الجزء الشمالي من الصحراء الغربية لتصريف مياه البحر  الزائدة. وفى نفس الوقت تستخدم هذه المياه فى إحياء مشروع بحيرة منخفض القطارة  واستيعاب المياه الزائدة المواجهة للساحل المصرى، ومن ثم الحد من ارتفاع منسوب سطح  البحر وإنقاذ الدلتا من مخاطر زيادة هذا المنسوب، وفى نفس الوقت يمكن الاستفادة من  هذه المياه فى توليد طاقة كهربائية جبارة تضاف للشبكة القومية للكهرباء ويعد هذا  الحل مشروعاً قومياً جديداً أو «سد عالى» جديداً..
الدلتا في خطر
وتحدث الدكتور عودة عن آثار الضرر الذي لحق بنهر النيل والسواحل المصرية  على البحر المتوسط وخطورة وضع البحيرات الشمالية حال ارتفاع سطح البحر عن متر واحد،  ووضع الدلتا التي لم يقتصر تدهور الأمر فى أراضيها على انعدام حمولة نهر النيل من  الطمي اللازم لتجديد شبابه، أو هجرة الكثبان الشاطئية الحالية للجنوب بفعل الرياح،  أو عمليات النحر البحري، وإنما تعداه إلى عمليات التجريف البشرية للكثبان والتلال  الرملية الموجودة على شواطئ الدلتا، والتجفيف المنظم للبحيرات الشمالية  لمصر.
وأشار إلى أن عمليات التجريف المستمرة للبحيرات الشمالية بالدلتا، و  التي تقوم بها الحكومة من جهة بغرض التنمية العمرانية ومد الطرق وخطوط الكهرباء  ومشروعات البترول والغاز الطبيعي، أو الأفراد من جهة أخرى بغرض إنشاء المزارع  السمكية قد تسبب فى تغيير طبيعة هذه البحيرات وتقلص مساحاتها بنسبب تتراوح بين ٥٠%  و٨٣% من مساحاتها الأصلية.
وقد ترتب على تجريف وتجفيف البحيرات تغيير خريطة الساحل الشمالي للدلتا  المصرية وتراجعت حدود الشواطئ ومساحات الأراضي الرطبة التي تفصل الدلتا عن  البحر.
وتحدث أيضا عن الأراضي المهددة بالاجتياح بمنطقة الدلتا المصرية من جراء  ارتفاع منسوب سطح البحر وقسمها إلي:
أولا: الأراضي المهددة بالاجتياح البحري عبر البحيرات، حال ارتفاع منسوب  سطح البحر العالمى بأى مقدار يزيد على المنسوب الحالى بحد أقصى متر واحد خلال القرن  الحالي. وهذه المناطق موزعة في بحيرة المنزلة والبرلس شمال شرق الدلتا ، وفى  بحيرة مريوط شمال غرب الدلتا(غرب فرع رشيد)، بما فى ذلك امتداد البحيرة الغربى حتى  الحمام، وبحيرة إدكو شمال غرب الدلتا، وسهل الطينة ومثلث بورفؤاد شمال غرب سيناء.
ويطال الخطر أيضا مناطق متفرقة في محافظات البحيرة والإسكندرية وكفر  الشيخ . كما يطال سيناريو الغرق أيضا مساحات واسعة من شرق الدلتا وشمال فرع  دمياط.
ثانيا: الأراضى المهددة بالغمر بفعل المياه المتسربة من البحر خلال  التربة التحت سطحية كأثر تتابعى لزيادة منسوب سطح البحر، وجملة مساحة هذه الأراضى  ٣١٥ كم٢، وأهم هذه المناطق، المنخفضات الزراعية التى تتخلل الحزام الرملى الممتد من  الحماد شمال غرب إلى قلابشو جنوب شرق، بشمال محافظة الدقهلية، ومنخفض كفر الوسطانى  الزراعى بمركز كفر سعد جنوب محافظة دمياط، ومنخفض غرب السينانية (غرب مدينة دمياط)،  والمنخفضات التى تتخلل مدينة الإسكندرية، مثل منخفض نادى سموحة، ومنخفضات نادي  سبورتنج الممتدة جنوبا فى سموحة حتى ترعة المحمودية، ومنخفض السيوف، كذلك المنخفض  الذى يتوسط ضاحية أبى قير .
ثالثا: الأراضى المهددة بالحصار البحرى الكامل، وتضم   مدينة بورسعيد التى قد تتحول إلى جزيرة تحيط بها المياه من جميع الجهات،  وبور فؤاد ورأس العش وطينة والكاب والقنطرة بفرعيها ورأس البر وعزبة البرج  والمناصرة وتفتيش السرو والحماد ودمرو ورشيد والجدية وبرنبال ومنية المرشد ومطوبس  وشماشيرة وكفر الدوار والكاريون وكنج عثمان والبيضا والخضرة وإدكو ومنشاة بولين  والمعدية وكوم الحنش وأبومطامير وحوش عيسى وجميع الأحياء الواقعة جنوب الإسكندرية  من أبى قير شرقا إلى الدخيلة غرباـ علاوة على مئات القرى والعزب فى هذه  المناطق.
رابعا: الشواطىء السياحية المهددة بالاجتياح البحري مثل شواطئ مدينة  الإسكندرية ومدينة بور سعيد ومصيف جمصة ومصيف بلطيم.
غرق الدلتا
وتطرقت الدراسة إلى أن المخاطر الناشئة عن ارتفاع منسوب البحر الأبيض  المتوسط لا تتمثل فقط في مقدار الارتفاع، وإنما أيضا في كمية المياه الزائدة  الناشئة عن هذا الارتفاع. فارتفاع قدره متر خلال هذا القرن يعنى زيادة في كمية  المياه بالبحر الأبيض المتوسط قدرها ٢.٥ تريليون متر مكعب من المياه .
هذه الكمية الزائدة سوف يتم تصريفها في الأراضي المنخفضة الواقعة على  سواحل البحر الأبيض المتوسط التي يقل ارتفاعها عن متر فوق منسوب سطح البحر.  والدلتات هي أكثر الأراضي انخفاضا على السواحل.
والدلتا المصرية وإن كانت تمثل نحو ٢٥% من مساحات المناطق المنخفضة في  حوض البحر الأبيض المتوسط إلا أنها تعد الأخطر تهديدا ليس في حوض البحر المتوسط  فحسب وإنما بين دلتات العالم، لكثافتها السكانية العالية وكثافة أنشطتها  الزراعية.
وما يضع دلتا في خطر  وجود ثغرات ساحلية تتخلل سواحل  الدلتا وتشكل مصدراً أساسياً لغرق تلك الأماكن.
جاءت تلك الدراسة بعد صدور آخر تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية  بتغير المناخ  «IPCC»في ديسمبر 2007، والذي أوضح أن درجة الحرارة سوف تزداد في السنوات  العشر الأخيرة من القرن الواحد والعشرين (٢٠٩٠ – ٢٠٩٩) بمتوسط يتراوح بين ١.٨ درجة  مئوية في الحد الأدنى للانبعاث (وهو السيناريو الأكثر تفاؤلا)، و٤ درجات مئوية في  الحد الأقصى للانبعاث (وهو السيناريو الأكثر تشاؤما) عما هي عليه في نهاية القرن  العشرين (١٩٨٠ – ١٩٩٩)، وأن هذا الارتفاع في درجة الحرارة سوف يتسبب في اختفاء ٤٠ –  ٧٠% من الأنواع حول العالم وتحطم الشعب المرجانية.
كذلك التمدد الحراري لمياه البحار في نهاية القرن الواحد والعشرين سوف  يتسبب وحده في رفع منسوب سطح البحر بمقدار يتراوح بين ١٨ – ٣٨ سم في الحد الأدنى،  و٢٦ – ٥٨ سم في الحد الأقصى عما هو عليه خلال الفترة من ١٩٨٠ – ١٩٩٩.

ليست هناك تعليقات: