السبت، 9 فبراير 2013

إلى متى أيها الإخوان؟


المقال التالي للدكتور حبيب عن الجماعة يجمع كثيرا وربما أغلب ما تحدثت به في مشاركات لي على صفحتي على الفيس بوك وعلى مدونتي. وتم نشره في المصري اليوم بتاريخ Sat, 09/02/2013.

أرجو ان تتفهم كل القوى على الساحة أهمية النقد .... وليس كل نقد دليل على كره لهذا أو لذاك، وبالطبع ليس كله نقد برئ.


خطاب مفتوح إلى الإخوان

من الملاحظ أن الهجوم على الإخوان بلغ حداً غير مسبوق.. أسمع عبارات شديدة وقاسية تتردد على ألسنة الكثيرين، إعلاميين وغير إعلاميين.. شيوخاً وشباباً.. فأتألم وأتوجع.. فبالرغم من خروجى من الجماعة فإن عاطفتى تظل معها، وأتمنى اليوم الذى أراها فيه وقد حققت ما كانت تصبو إليه من الآمال والأحلام.. لقد قضيت بها حوالى ٤٣ عاما، هى أحلى سنوات عمرى، ويعز على أن أراها على هذا النحو.. انتقدتها بدافع من حبى لها.. وكنت أحيانا أقسو عليها، رغبة فى أن تصوب طريقة تفكيرها وسياساتها وممارساتها، على اعتبار أن الخير الذى يتحقق على يديها هو خير للوطن، قبل أن يكون خيرا لها..
لقد كنت واعياً بحجم التحدى الذى يواجه الإخوان داخلياً وخارجياً.. حذرت من حجم التنازلات التى سوف يضطر الإخوان لتقديمها حال وصولهم إلى السلطة.. وقد حدث.. مع ذلك كنت مضطرا لإعلان وقوفى، بل ضرورة وقوف الجماعة الوطنية إلى جوار الدكتور مرسى وهو يخوض معركة الإعادة مع الفريق أحمد شفيق.. وعلى النقيض ممن أعلنوا ندمهم على ذلك، أنا لست نادما، بل إن عاد التاريخ سوف أتخذ نفس الموقف دون تردد.. فى رأيى، أداء الدكتور مرسى دون المستوى.. أصاب فى أمور، وأخطأ فى أمور كثيرة.. أعطى وعودا وحنث فيها.. خسر الكثير.. وخسرت معه الجماعة أكثر.. كان اختياره لحكومة د. هشام قنديل غير موفق، فهى حكومة متواضعة، محدودة القدرات، وفاقدة للحلم والخيال والطموح.. أعتقد أن الإبقاء على هذه الحكومة بعد كل هذه الإخفاقات والمصائب والكوارث سوف يغرى من يأتى بعد ذلك بأن يكونوا على نفس القدر من العجز والفشل والإهمال واللامبالاة.. لذا أقول للدكتور مرسى: احزم أمرك وأقل رئيس وزرائك، واختر من هو أولى بالقيادة، خاصة أن مصر ملأى بأصحاب القدرات والكفاءات.. نحن فى حاجة إلى حكومة إدارة أزمات، حتى ولو لمدة شهرين.. أرجو أن يكون واضحاً أنك أنت المسؤول أمام الشعب عن كل ما يقع، ولا تنس أنه سقط فى عهدك خلال سبعة أشهر ٦٥ شهيداً!!
عموم الإخوان يثقون فى قياداتهم، وهذا ليس عيباً فى حد ذاته، لكن العيب فى تأييدهم المطلق لكل ما يصدر عنهم من تصريحات ومواقف، رغم التناقض البين والصارخ بينها.. يتضح هذا للناس.. إذا قالت القيادات شيئاً، قال عموم الإخوان: آمين.. وإذا قيل عكسه بعد يوم أو بعض يوم، قالوا: آمين.. التبرير هو سيد الموقف.. أيها الإخوان دافعوا عما تقوله قياداتكم، لكن بوعى وتبصر.. ناقشوها وحاسبوها وسائلوها.. استمعوا إلى ما يقوله منتقدوكم ومخالفوكم، فليس كل ما يقولونه خطأ، كما أن كل ما تقوله قياداتكم ليس صواباً.. إن الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها، كما جاء فى الحديث.. ينسى هؤلاء الإخوان أنهم أصبحوا فى السلطة الآن.. فما عاد هناك تضييق، أو ملاحقة، أو مطاردة.. ما عادت هناك سجون تنتظرهم، أو محاكم عسكرية تنصب لهم، أو حرب على الأرزاق تجتاحهم.. وبالتالى لابد أن تتسع الصدور للنقد، وإن كان جارحاً، كما نطالب المعارضين أو الرافضين بالكف عن الشتائم والسخائم، وإن كان بعض الإخوان- للأسف- يقعون فى ذلك فقد نسوا قوله تعالى: «ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن»..
المجموعة الموجودة الآن فى قيادة الجماعة لم تعد مناسبة.. لابد من اختيار غيرها.. الظروف والأجواء الآن تحتاج لنوعيات أخرى تناسب طبيعة المرحلة.. كما أن نظم ولوائح الجماعة لم تعد ملائمة.. الهياكل الإدارية والتنظيمية واللجان النوعية والفنية يجب أن تتطور لتلاحق متغيرات العصر.. كما أنه آن الأوان كى توفق الجماعة أوضاعها لتكون جمعية مسجلة.. الدور التربوى والدعوى والاهتمام بالشأن العام لا تقل أهمية عن العمل الحزبى.. لابد من فصل حقيقى بين الحزب والجمعية.. ولابد أيضاً من عدم التدخل فى عمل الرئيس.. لابد.. فهذا التدخل سبب إرباكاً وارتباكاً شديدين.
أيها الإخوان.. لطالما نادينا ونادى غيرنا بضرورة شراكة وطنية حقيقية.. مازالت الفرصة سانحة، فلا تدعوها تفلت من بين أيديكم.. يجب أن نقر ونعترف بأن العبء أكبر بكثير جداً من الإخوان، ومن التيار الإسلامى بكل فصائله.. وها أنتم ترون ما يجرى ويقع من مصائب وكوارث.. نريد أن تتحول الشراكة إلى واقع حقيقى على الأرض.. والمسؤولية فى ذلك تقع على الجميع، لكنها تقع بدرجة أكبر على التيار الإسلامى، والإخوان بالذات.

ليست هناك تعليقات: