الاثنين، 17 أكتوبر 2011

مابعد قنبلة ماسبيرو




المقال التحليلي التالي (من جريدة المصريون) مقال عجيب

رغم كم التعليقات المهول على أحداث ماسبيرو إلا ان أحدا لم يقل بمثل الكلام الآتي

في الواقع لم أتوقع أن أحدا يجرؤ على قول هذا الكلام في ظل حالة الميوعة المقصودة من كل أجهزة الدولة تجاه حالة التطرف عند بعض الأقباط المسيحيين. ياسادة نحن في مركب واحدة ومن غير المستصاغ أن نترك أي متطرف سواء كان قبطي مسلم أو قبطي مسيحي أن يغرق المركب .... القانون القانون يا أولي الأمر


الكنيسة الأرثوذكسية طليعة فلول نظام مبارك




جمال سلطان   |  17-10-2011 23:06


عندما نكتب ونؤكد على أن الكنيسة الأرثوذكسية المصرية هي جزء أصيل من "فلول" نظام مبارك ، وتعمل ضد الثورة والمشروع الديمقراطي ، فنحن لا ننطلق ـ بأي معيار ـ من رؤية طائفية ، وإنما من رؤية سياسية بحتة ، ترصد حقائق سياسية وتصريحات سياسية واضحة وحاسمة من مواقف قيادات كنسية بما فيها الأنبا شنودة نفسه ، خاضت في معترك السياسة من أوسع أبوابه وأعلاها ، سواء في الحشد للانتخابات البرلمانية أو النقابية علانية أو الدعوة إلى تأييد مبارك تأييدا مطلقا وإعلان الولاء الكامل لنجله جمال كوريث للسلطة في مصر ، أو في تدخل الكنيسة في أيام الحسم لثورة يناير لدعوة الأقباط إلى الامتناع عن النزول إلى الميادين وتحذيرهم من المشاركة في مظاهرات الغضب ضد نظام مبارك .

نخدع أنفسنا ، ونخدع وطننا ، ونخدع ثورتنا ، إذا تجاهلنا هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس بدعوى البعد عن الطائفية ، نحن لم نذهب للكنيسة في ميدانها الروحي والعقيدي والديني وإنما هي التي أتت إلينا في ميدان السياسة ونازعتنا فيه وخاضت في صراعاته بكل عنف ، نحن هنا لا نعلق على مطالب طائفية أو أحداث خاصة بالديانة المسيحية أو شؤون خاصة بإدارة الشأن الكنسي ، وإنما نتحدث عن الوطن نفسه وإدارته السياسية ، ولو أن البابا شنودة اكتفى بممارسة دوره الروحي في إطار الشأن الديني لطائفة الأقباط الأرثوذكس لما تصدينا له ولما انتقدناه ، ولما كانت هناك مشكلة في الأساس في مصر ، ولكن المشكلة أتت عندما اقتحم البابا ميدان السياسة وأفرز لنا جيلا جديدا من رجال الدين معظمهم من الشباب أو جيل الوسط ، أخذوا عنه هذا التوجه في الانغماس في الشأن السياسي ، وجميعهم دخلوا من الباب الخطأ ، من باب الطائفية المسيحية ، وليس من باب المشاركة السياسية كمواطنين مصريين في أحزاب وقوى سياسية ونقابات وغيرها ، دخلت الكنيسة اللعبة السياسية بوصفها كيانا خارج أطر الدولة المصرية القانونية ، خارج الأحزاب والنقابات والمؤسسات الرسمية ، أشبه بفاتيكان داخل حدود الدولة المصرية ، ولكن الفاتيكان لا يتدخل في الشأن الإيطالي ، بينما الكنيسة أرادت أن يكون لها استقلال تام في شأنها كمؤسسة مصرية ، وفي الوقت نفسه يكون لها قرارها الخاص بها في الشأن المصري العام ، ومن هنا نحن ننتقد البابا شنودة كرجل سياسة وإن كان يوظف الدين في السياسة ، كما نخضع أي إسلامي يشتغل بالسياسة أيضا للنقد السياسي ولو كان شيخ الأزهر نفسه .

هل يوجد في مصر من ينكر العلاقة الحميمة التي كانت تربط البابا شنودة والكنيسة من ورائه بالرئيس مبارك وأنجاله ورئيس ديوانه زكريا عزمي ، والتي وصلت إلى أحد أن يمثل البابا شنودة رعبا لجميع قيادات الدولة من وزراء ومحافظين ، لأن اتصالا تليفونيا منه برئيس ديوان رئيس الجمهورية كان كافيا لعزل المحافظ أو إقالة الوزير إذا امتنع عن تنفيذ إرادة كنسية في موقف ما ، خاصة في عمليات التوسع المتوحشة لحيازة أراضي الدولة وضمها إلى الأديرة والكنائس حتى وصلت مساحة بعض الأديرة في عهد مبارك إلى مساحة مدينة متوسطة الحجم ، وحتى تم انتزاع أراضي تحت هيمنة مؤسسات وطنية حساسة ، ولم يجرؤ أحد على وقف قرار مبارك بإلزام تلك المؤسسة بترك تلك الأراضي الشاسعة على مدخل مدينة القاهرة من جهة طريق السويس الصحراوي بناء على "قرار" البابا شنودة .

كانت فترة حكم مبارك هي العصر الذهبي للتمدد الطائفي الكنسي بدون شك ، طلبات البابا أوامر ، وأحلامه خريطة تتشكل خلال أسابيع في الواقع مباشرة ، وكانت الصفقة واضحة للغاية في السنوات الأخيرة ، الكنيسة تدعم مشروع التوريث ، ومبارك ونجله يدعمان عمليات التوسع العمراني والسياسي والمالي للكنيسة ، وعندما بدا أن الإحباط هو المهيمن على قوى التغيير وأشواق المصريين للإصلاح ، وبدا أن نظام مبارك راسخ بمؤسسته الأمنية القمعية وجبروت منظومة الفساد وأنه من المستحيل إزالته ، رمى البابا بكل ثقله وراء مشروع التوريث ، وكان يتحدث بشكل علني ومستفز للغاية في حوارته عن أن "جمال مبارك" هو اختياره لحكم مصر وأن الكنيسة لا تثق سوى في جمال مبارك ، وعندما عاتبه بعض وجهاء المسيحيين وطلبوا منه التحفظ في هذه الدعوى رفض وقال لهم قولته الشهيرة : هاتوا لي رجل آخر في مصر أثق في قيادته غير جمال؟! .

وظل البابا شنودة حتى آخر ليلة لمبارك في السلطة ، قبل إعلانه التنحي ، يقاوم رغبة شباب قبطي جديد في التضامن مع ثورة إخوانهم في مصر لإزالة حكم الطاغية ، وحتى ليلة سقوط الطاغية كان البابا يحذر الأقباط من النزول إلى الشوارع والميادين أو المشاركة في الثورة ، ولكن قليلا من الشباب المسيحي عصى البابا ونزل إلى الميادين ، وقابلناهم في ميدان التحرير وغيره ، وكانت روحهم الوطنية عالية ورائعة عندما تحرروا من "أسر" الكنيسة السياسي ، فالكنيسة بقيادة البابا شنودة مارست دورا في دعم نظام مبارك حتى آخر لحظة ، وهو دور لا يختلف أبدا عن دور الحزب الوطني ، وقاتلت حتى النهاية من أجل حماية مشروع التوريث ومنع سقوط مبارك ، ولكن الله كان رحيما بمصر وشعبها ، فسقط الطاغية ، وبسقوطه سقط مشروع التوريث نهائيا ، وبسقوط مشروع التوريث سقط المشروع السياسي للكنيسة وخسر البابا رهانه على جمال مبارك كقائد جديد لمصر .

وعندما نقرأ هذه المقدمة بروح موضوعية وأمينة مع الواقع والوطن سيكون من الطبيعي والبديهي أن ندرك أن الكنيسة الأرثوذكسية الآن هي جزء من "فلول نظام مبارك" بل هي طليعة هذه الفلول الآن ، وهناك مصلحة مشتركة بين فلول الوطني وفلول الكنيسة في هزيمة الثورة التي فشلوا في هزيمتها في يناير ، وهناك مصلحة أكيدة تربط بين فلول الوطني وفلول الكنيسة في إفشال المشروع الديمقراطي الجديد ووقف انتقال السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة وبرلمان منتخب ورئيس جمهورية منتخب ودستور جديد واستقلال قضائي كامل ومنظومة سياسية وقانونية ضامنة للعدالة والحقوق والحريات العامة والمساواة التامة بين المصريين ، وإذا استحضر أي "عاقل" هذه الحقائق لسهل عليه تفسير عمليات الحشد والتهييج التي تقوم بها قيادات كنسية بوتيرة متسارعة ومتصاعدة منذ نجاح ثورة يناير على أي حدث مهما كان هامشيا ، وعندما يتأمل المشاهد صورة "المنزل" الذي وصفوه بالكنيسة في قرية المريناب ببنائه الطيني القديم ومساحته الصغيرة للغاية وانحشاره بين بيوت الفقراء والبسطاء ، سوف يستغرب من ربط قضية هذا المنزل التافهة بالواقعة الخطيرة التي جرت أمام مبنى التليفزيون المصري وانتهت إلى مقتل قرابة ثلاثين مواطنا وإصابة المئات الآخرين ومحاولة ترويع الوطن كله ومنع بدء إجراء الانتخابات .

مرة أخرى أقول ، أن تأكيدنا على أن الكنيسة الأرثوذكسية الآن هي جزء أساس من فلول نظام مبارك لا صلة له بالطائفية ولا بالشأن الكنسي الديني الخاص ، وإنما هو رصد موضوعي وأمين للسلوك السياسي للكنيسة التي أصبحت لاعبا رئيسيا في المعادلات السياسية منذ نهاية عصر مبارك وحتى الآن ، فالكنيسة الآن هي طليعة الثورة المضادة ، وواحدة من أخطر المؤسسات التي تهدد مشروع الديمقراطية في مصر ، والغالبية الساحقة من الصحف والفضائيات التي تتضامن مع الكنيسة هي مملوكة لفلول نظام مبارك أيضا ورجال الأعمال الذين جمعوا ثروتهم من مناخ الفساد القديم والمرعوبين من نجاح المشروع الديمقراطي وسيادة القانون وانتزاع الشعب لسيادته وقراره ، تلك الصحف والفضائيات تتضامن وتؤيد سلوك الكنيسة بصورة متطرفة كجزء من مخطط الثورة المضادة في مصر ، ولكن بصورة احترافية تحاول الابتعاد عن كشف الوجوه صراحة .

almesryoongamal@gmail.com 

ليست هناك تعليقات: