السبت، 23 أبريل 2011

حول كارثة الطريق الصحراوى

أ.د/ عبد العزيز نور
ما حدث فى الطريق الصحراوى هو جهل سار على دربه المسؤلين لسنوات طويلة تنفيذا لتوجيهات المسئول الكبير وليس تنفيذا لخطة قومية لاتتغير بتغيرهذا المسئول ولايكون لأحد يد فى وقفها أو إلغائها. إن من آفات حكم مصر سرعة تغيير الوزارات وكلما جاء مسئول يضع فى إعتباره توجية الفشل لمن هو قبله من الوزراء ويعتقد أن تكثيف هجومه عليهم سيكفل النجاح  لسياساته وهو لايقدم سوى مسكنات لكسب الوقت وسرعان ما يلحق بأقرانه ويتوارى عن الأنظار تحينا لفرصة ينقض فيها هجوما على الوزير الحالى أو ما سبقوه من الوزراء إعتمادا على إعلام ردئ وذاكرة شعبية ضعيفة  وظهر هذا  جليا فى قضايا سبق تداولها إعلاميا لدرجة أنها اصبحت قضايا أمن قومى أو أمن دولة أو سموها كما تشاؤون مثل قضايا  المبيدات المسرطنة والإكتفاء الذاتى من القمح ومشروع توشكى  وأراضى الصحراوى والمنتجعات وأراضى الوليد بن طلال وخلافة.
ياسادة إن التكالب والتزاحم على الطريق الصحراوى لم يكن ليحدث لو فتحنا عشرات طرق أخرى موازية ومؤدية للطريق الصحراوى و إقتصر دور الدولة فى تخطيط  الارض وتحديد إستخداماتها وطرحها مجانا ونكرر مجانا للمغامرين الجدد الذين غزوا الصحراء واستنفذوا اعمارهم واموالهم و تحملوا الأمرين من حوادث السرقة والبلطجة والقتل و تقبلوا أن يعملوا فى صمت و يخسروا كل أموالهم وجهودهم وأنفسهم  على مدار سنوات طويلة قبل أن تبوح الأرض بأسرارها  وتصل إلى مستوى الجدية الإنتاجية، بعدها تفيق العناصر الجبانة و المريضة وتهاجمهم بضراوة وتتهمهم بإلإعتداء على أرض الدولة وتوحى للمسؤلين بذلك وسرعان ما تصدر أحكام ملفقة ظالمة من المسئولين  وتزال الزراعات والمبانى التى هى علامات مضيئة  وإستعراض لخبرات وفنون متعددة لغزو الصحراء وتعمل كمراكز تميز لتدريب الآخرين  وليضيع فى لحظات جهد وعرق وأموال وإستثمارات وآمال الناس بفعل اللوادر وفرق الازالة والاعدام وذلك كمكافأة على طموحاتهم وجسارتهم على عزو الصحراء بدلا من أن نشجعهم ونقدر جهودهم ومشاركاتهم النبيلة فى إيجاد حلول لمشاكل الوطن والسعي لطلب الرزق بعيدا عن تكدس الدلتا والنتيجة هى العودة والمزاحمة بالبناء على اراضيهم فى الدلتا.
 أين العقل ياشعب مصر؟ من نكافئ لاعبى الكرة عندما يفوزون ببطولة أم رجال صدقوا ماعاهدوا اللة عليه وبذلوا الغالي والرخيص لتعمير البلاد.
لقد أنشئانا الطريق الصحراوى وظل لسنوات طويلة صحراء الى ان جاء وزير همام يعلم بأن لدينا وفرة فى الارض والموارد الطبيعية وطرح الارض بمبلغ رمزى ( او مجانى ) وكانت النتيجة هي تعمير الطريق الصحراوى وما حوله وأصبح  طريق زراعي متكامل الانشطة ويمثل نموذج مصرى يبشر بمستقبل مشرق لعملية الخروج الرشيق من الوادى الضيق الملوث إلى الصحراء الرحبة الواسعة (  94% من مساحة مصر)  وبدلا من شق طريق جديد موازى للصحراوى القديم ليكون لدينا صحراوى آخر تفتق ذهن المسئول عن الطرق والمواصلات في أن يعمل على تحديث و توسيع وتطوير الطريق القديم بمبلغ يزيد عن أربعة مليارات جنية ولا أعتقد أنها كافية لإنهاء الأعمال به، أليس هذا سفه؟ نعم هو السفه بعينه في ضوء الحاجة الماسة للتوسع فى الأرض أفقيا بموجب الوفرة بها لا إنشاء العديد من الطرق الصحراوية وتركها للمواطنين للتنمية طبقا لخطة مسبقة ولكن ماهى النتيجة إذا لم تتوافر لدينا رؤية متكاملة ولا أهداف واضحة ولا برامج تنفيذية محددة لمستقبلنا كمصريين؟ فالنتيجة المتوقعة هى الفشل وإنتشار الفساد فى أوصال المجتمع. لماذالانخطط ونطرح الارض مجانا ونترك للمواطنين حرية التعمير أو الزراعة فى مدى زمني محدد وإذا لم يلتزم من تعهد بتعمير الارض فى ضوء إلتزاماتة يتم سحبها منه وتسليمها لغيره من الجادين بمبررات صادقة تتسم بالشفافية والصدق والوضوح وليس بالاكاذيب.
إلى متى  سنظل نتناحر حول 6% من أرضنا  ونترك الباقى (94%) صحراء جرداء لازرع فيها ولا ماء كماهو مدون فى كتب الجغرافيا المتخلفة.
 إن مصر الغنية الفتية الشامخة تعيش على بحيرة من الماء (عذب - شروب - مالح) الصالح لكل الاستخدامات التى يمكن ان تحول مصر فى سنوات محدودة إلى عملاق إقتصادى كبير ولكن الجهلة الذين حكموا وطغوا و افسدوا البلاد أعماهم الله حتى لا يروا هذه الخيرات ولا المقدرات فصبوا أحقادهم وحيلهم وسهامهم الطائشة للتضييق على المغامرين الشرفاء وإتهموهم بالباطل  ليدمروا كل شئ ونعود سنوات طويلة للخلف لانعدام الثقة في الدولة وما سبق و تعهدت به وقدمته من مميزات شجعتهم على قبول الصعب وتحدى المجهول.
 اليوم بين الله النهاية العاجلة للمفسدين كما نرى جميعا اليوم ولاشماتة في أحد ولعلها رحمة من الله ولكن ستبقى قضية تعمير مصر و بناء مستقبل أفضل لشبابها مرهون بالتوسع فى الإستغلال الأمثل لمواردنا الطبيعية فلدينا الارض (صحراء فسيحة) والشمس والماء المالح (2800كيلو شواطئ ) والشباب ( 20 مليون نسمة) والبنية الاساسية (شبكة من الطرق المتكاملة حول الشواطئ) والفكر مثل: انتاج الطاقة غير التقليدية من الشمس والرياح بالإضافة  لإستزراع الطحالب لإنتاج الوقود الحيوى ومخلفات  غنية بالبروتين  للإستخدم فى تغذية الحيوان والدواجن والأسماك ومشروعات تربية الأسماك البحرية والجمبرىللتصدير وإنشاء مجتمعات عمرانية صحراوية متكاملة تكفى وتزيد حيث لن يوجد لدينا عاطل أو فقير أو مريض وسيتوقف البناء على أرض الدلتا بل سيهجر الكثيرون ارض الدلتا للمشاركة فى نشاء دلتا جديدة تعتمد على جهود رجال شباب 25 يناير.   

أ.د./ عبدالعزيزنور - كلية الزراعة- جامعة الإسكندرية

ليست هناك تعليقات: