الثلاثاء، 17 مارس 2009

مرة أخرى.....إقرأ وتعلم

هذا البشير! نذير لكم
د: عبد الحليم عويس
(المصريون) : بتاريخ 17 - 3 - 2009
صدقونى: فالتاريخ يعلمنا أن الذى يخاف من الموت.. هو أسرع من تأتيه الحتوف، ومن تنزو عليه الكلاب المتوحشة، فيعيش فى رعب من نباحها.. قبل أن تهجم عليه هجمتها الأخيرة.. ولو أنه اتخذ الخطوة الأولى فى المبادرة إلى مقاومتها لهرول بعضها وراء بعض... وصدقونى.. فالتاريخ- وإن كان لا يعيد وقائعه نفسها- إلا أنه يعيد نفسه عن طريق إعادة شروطه الفاعلة وسننه الماضية التى فطره الله عليها... والمثل العربى المشهور "إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض" يُلخِّص هذا الدرس التاريخى الثابت الذى رأيناه.. بعين اليقين.. فيما وقع بين ملوك الطوائف فى الأندلس (399-478هـ).. فقد افترسهم الصليبيون واحداً بعد آخر... بل ووقف بعضهم مع العدوّ- وفاقاً لاتفاقيات ثنائية- ضد أخيه فى المعارك.. حتى جاء اليوم الذى دفعوا فيه- جميعاً- الثمن حين قال أحد ملوك الطوائف وهو يموت والمعارك تدور حول قصره: (لقد نغّص علينا كل شىء حتى الموت)... فهكذا نغَّص الله عليهم كل حياتهم المليئة بالمباهج والأموال.. كما قال ابن صمادح (صاحب المرية)..!! وهكذا وجدنا هذا القانون أمامنا واضحاً وضوح الشمس- فى عصر الحروب الصليبية- فقد انصبّت جهود نور الدين محمود وعماد الدين زنكى وصلاح الدين الأيوبى فى المراحل الأولى ضد الإمارات الإسلامية التى خان أصحابها دينهم وأمتهم، وانضموا للصليبيين ضد القوى الإسلامية التى قررت المقاومة وعدم الخضوع للصليبيين حتى لا يستولى الصليبيون على الشام ثم مصر.. بالتقسيط المريح.. كما تفعل فينا أمريكا وإسرائيل الآن. وكان بعضهم يحارب مع الصليبيين ضد جيوش المسلمين بناء على اتفاقيات ثنائية تتضمن مصالح شخصية!! وقد بقيت مصر الفاطمية لعبة بين وزيرين حقيرين هما شاور وضرغام، بمساعدة الصليبيين لهذا الفريق أوذاك... وقد رصد المؤرخون معارك الدولة الفاطمية الإسماعيلية فكان أكثر من تسعين فى المائة من معاركهم ضد المسلمين.. والنسبة الباقية اضطرت الدولة الفاطمية للدخول فيها ضد البيزنطيين دفاعاً عن أرضها ومصالحها... لاغير!! وكما سقط ملوك الطوائف فى الأندلس- عن جدارة- كذلك سقط الفاطميون عن جدارة- حين لم يروا- كما يقول المؤرخ الكبير الدكتور سعيد عاشور- فى الانتصارات التى أحرزها الصليبيون كارثة كبرى حلت بالعالم الإسلامى، بقدر ما وجدوا فيها فرصة للتخلص من سيطرة الأتراك السنة، وأحسوا غبطة وسعادة عندما رأوا ملك السلاجقة قد انهار فى بلاد الشام...!! فهكذا تغيب العقول... ويموت الوعى التاريخى.. وتسود عبادة المنصب والجاه والدنيا.. على عبادة الله.. وعلى حقوق الدين والأمة والأوطان!
* * *
لقد عجبتُ من هذا الصمت القاتل والاستسلام الذليل من أكثر حكام العرب والمسلمين.. عندما صدر قرار (محكمة الظلم الانتقائى الدولية)... بمحاكمة الرئيس عمر البشير- حفظه الله من كل سوء- وبدأتُ أتذكر صفحات من تاريخ المسلمين عبيد الدنيا فى إطار تاريخنا.. وما أكثر هذه الصفحات فى التاريخ الإنسانى العام!! وقلتُ لنفسى: تُرى كيف وصل (الوهن) إلى هؤلاء الذين فرضوا أنفسهم حكاماً على المسلين.. يحملون- أمام الله- أمانة الذود عن حق كل مسلم فى الحياة والعدل والأمن فى وطنه.. والاحتكام إلى شريعته ودينه... فكيف إذا كان هذا المسلم رئيس دولة موقرة كل ذنبه أنه يؤمن- عن صدق- بالله واليوم الآخر.. ويحفظ أمانة الدين والعروبة والوطن {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (البروج: 8).. إنه لا يريد أن يبيع أو يفرط أو يساوم على ثوابت الحياة والواجبات الإسلامية... ولهذا يلاحَقُ منذ زمن بعيد.. ويهدد- طوراً- بالتلميح- وأطواراً- بالتصريح!! فكيف يهدده ناس على غير دينه، ممن يدَّعون العدل ويتمسحون فى حقوق الإنسان... وهم أظلم الناس بالنسبة لكل المسلمين فى العالم، وهم أكبر من أساءوا إلى حقوق الإنسان.. واخترعوا وسائل تعذيب خاصة بالمسلمين فى سجون خاصة بهم...؟ وأين أبطال الاستقلال (أعداء الاستعمار)؟ أين الثوريون الذين جاءوا لإعزازنا وتحقيق تقدمنا؟.. لنترك (بروتوكولات حكماء صهيون) تجيب عن هذا السؤال.. يقول البروتوكول العاشر: "إذا استطعنا (أى الصهاينة اليهود) أن نصل إلى إقامة عصر جمهورى فسيمكننا أن نضع بدل الملك المقدس ناطوراً فى شخص رئيس لهذه الجمهورية، ونختاره من الدهماء من بين مخلوقاتنا وعبيدنا، وأمثال هؤلاء يختارون ممن تكون صحائفهم السابقة مسودة بفضيحة أو صفة أخرى مشينة، وإن رئيساً من هذا النوع سيكون منفِّذاً لأغراضنا لأنه سيخشى التشهير وسيبقى خاضعاً لسلطان الخوف الذى يتملك دائماً الرجل الذى وصل إلى السلطة والذى يتلهف على أن يستبقى امتيازاته وأمجاده المرتبطة بمركزه الرفيع". إن البروتوكولات تكشف لنا سرّ هذا الخنوع الذى لا يليق بالرجال، ولا أشباه الرجال!! وإننى هنا لأتذكر كيف رفض (هوشي منّه) أن ينحنى وقاد شعبه لمقاومة ضارية لأمريكا وحلفائها حتى ركعت أمريكا بعد قتلها لمليونى فيتنامى؟ كيف كان هذا الرجل بهذه الإرادة؟ والإجابة أنه لم يكن ممن وصفتهم البروتوكولات فى بروتوكولها العاشر الذى أشرنا إليه؟ وأتذكر كيف وقف رجل مثل (فيدل كاستر) عدوا لأمريكا، نحو نصف قرن من الزمان...؟ وأتذكر أيضاً.. ذلك الرجل العظيم الذى أهان بوش فى عقر داره وتحدى أمريكا كثيراً.. ومازال حيا يرزق، وهو موضع احترام العالم كله.. لا سيما إذا قيس بحكام المسلمين الأشاوس.. إنه الرئيس الفنزويلى (هوجو شافيز) الذى كانت مواقفه الرجولية فى معركة غزة أشرف وأزكى من كثير من حكام العرب المسلمين. إن هوشى منّه، وكاسترو، وهوجو شافيز، ليسوا من الذين وصفتهم البروتوكولات... بل هم أناس مخلصون لأوطانهم وقيمهم مهما يكن اختلافنا معهم. وهذا واحد من أسرار رجولتهم واستقلالية إرادتهم!!
* * *
ودعونا نتساءل من وجهة نظر أخرى: من هو الذى يستحق أن يقدم كأكبر مجرم حرب فى القرن الأخير..؟ إنه بيقين الرئيس جورج بوش... الذى اشترك فى مؤامرة 11 سبتمبر 2001م، من أجل قتل ثلاثة ملايين مسلم- على الأقل- فى أفغانستان والعراق.. وبلاد إسلامية أخرى كثيرة، معظمهم من المدنيين، وذلك بالتآمر الكامل مع الإسرائيليين. إن ديفيد ديوك رئيس منظمة الحقوق والوحدة الأوروبية- الأمريكية المرشح السابق للرئاسة، والعضو السابق فى مجلس النواب الأمريكى فى مقالات عدة جريئة مثل: "من يدير الإعلام؟" و"الكذبة الكبرى: السبب الحقيقى وراء هجمات 11 سبتمبر"... يعزو أكذوبة سبتمبر إلى التآمر بين الإرهاب الإسرائيلى والخيانة الأمريكية بقيادة بوش. ويحذر الكاتب من خطورة ترك إسرائيل تعبث بالسياسة الأمريكية، واعتبر ديوك أن من يتهاون فى مصلحة بلاده من الأمريكيين خائن لوطنه، كذلك يدين مجازر شارون ضد الشعب الفلسطينى، وإرهاب الدولة الذى تمارسه "إسرائيل" التى يصفها بأنها دولة عنصرية. لقد وجه ديوك اتهامه لإسرائيل وبوش بأنهما وراء أحداث سبتمبر 2001م وهو يقول: إنه بعد حدوث الهجوم على مركز التجارة العالمى كان من الطبيعى توقع عدد كبير من الوفيات الإسرائيلية. ثم يقول: إن بوش عندما خطب أمام الكونجرس قال إن هناك 130 إسرائيلياً لقوا حتفهم بالإضافة إلى آلاف الأمريكيين. ويضيف ديوك قائلاً: إن شكوكه حول عدد القتلى ازدادت عندما قرأ فى صحيفة (نيويورك تايمز) أن من بين المائة والثلاثين إسرائيلياً- الذين زعم بوش أنهم قُتلوا- كان هناك 129 منهم على قيد الحياة؛ أى أن من مات منهم شخص واحد فقط. ويرى ديوك أن هذا يوحى بأن أغلبية الإسرائيليين جرى تحذيرهم مسبقا قبل وقوع الهجوم، وأن إسرائيل كانت على علم به... ويشير الكاتب إلى بضع دلائل أخرى؛ فمن بين الوقائع المسجلة بعد الهجوم، قيام مكتب التحقيقات الفيدرالية بإلقاء القبض على خمسة، أسماهم بالإرهابيين الإسرائيليين كانوا فوق أحد المنازل القريبة، وهم يشاهدون الدخان المتصاعد من برجى مركز التجارة ويرقصون ويهللون. ويرفع ديوك صوته مخاطباً المواطن الأمريكى فيقول فى شجاعة: "إن أمريكا هى التى عانت أكثر من الجميع؛ حيث مات لها حوالى خمسة آلاف شخص، وبقى لها اقتصاد خرب، وأسوأ قيود على الحريات الدستورية فى التاريخ الأمريكى. وفى الطريق إلى المجرمين الذين اعتمدوا أسلوب الإبادة.. لا ننسى بن جورين الذى يسميه الكاتب اليهودى (إيلان بابى): "مهندس التطهير العرقى" ويتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إبان حرب 1948م. ووضع خطة لطرد الفلسطينيين عنوة من منازلهم وأرضهم وزرع الألغام بين الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة مرة أخرى. ولا ننس موشى ديان الذى اعتبره اليهود: المسيح المخلص بعينه العوراء، والذى قتل العديد من آلاف الأسرى المصريين وأمر بتدمير القرى الفلسطينية، وهو أيضاً منفذ مذبحة (اللد) عام 1948م. التى راح ضحيتها أكثر من 420 معظمهم من النساء والأطفال، ومنهم 176 قتلوا داخل المسجد الذى احتموا فيه. والإرهابى شارون صاحب مذابح الأسرى المصريين والمجرم الذى احتل بيروت وحولها إلى كومة من تراب، وذبح الآلاف فى مخيمات صبرا وشاتيلا، أشارت التحقيقات اللبنانية فيما بعد أن عددهم بلغ 2500 فلسطيني من الرجال والنساء والأطفال. أما المجرم إسحاق رابين فهو صاحب مذابح دير ياسين وغيرها من القرى الفلسطينية الذى نجح فى أن يلبس- زيفاً- قناع ما يُسمى بالسلام ويخدع المستسلمين العرب. وينضم إليه فى التزييف والخداع شمعون بيريز مرتكب مذبحة قانا فى جنوب لبنان عام 1996م والتى راح ضحيتها أكثر من 160 مدنياً من النساء والأطفال.. وهى مذبحة بشعة جديرة بأن تزين السجل الأسود لبيريز الحاصل على جائزة نوبل للسلام!! ويأتى فى قافلة الإرهابيين المجرم إيهود باراك، الذى كان شعاره الذى رفعه أثناء الانتخابات "من قتل من العرب أكثر منى؟!" وأمر قوات الشرطة والجيش بضرب الفلسطينيين فى أحداث الأقصى بالرصاص الحى فى مشهد مأساوى أقرب إلى الحرب الهمجية.. ضد شعب أعزل لا يملك سوى الحجارة!!
* * *
وهذه مجرد نماذج قليلة لمجرمين عتاة لم تستطع الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا ما يسمى بمحكمة (الظلم) الدولية النيل منهم أو تقديمهم للمحاكمة مع أنهم اعتمدوا أساليب الإبادة الجماعية بلا تفرقة بين الأسلحة المحرمة دولياً وغيرها.. ولا بين الأطفال أو النساء أو الرجال.. فضلاً عن هدم القرى والمساكن على أصحابها. ومع ذلك يبقى الرئيس بوش زعيم الإرهاب فى العالم وقاتل الملايين الثلاثة من المسلمين هو الأول فى عالم الإجرام.. ومع ذلك لم يستطع أحد تقديمه إلى محكمة العدل الدولية.. ونحن ندعو إلى وجود لجنة دولية لاستقصاء كل جرائم بوش.. التى سبق بها هتلر وموسولينى... وأصبح رسول العناية الإلهية- كما كان يسمى نفسه- لإبادة الشعوب وتعذيب المسجونين بأبشع الطرق.. وتغيير هياكل أوطان بأكملها.. وبالتالى، فهو الأول، والأحق بأن يقدم للمحكمة الدولية كأكبر إرهابى ظالم عنيد للجنس البشرى فى القرن الأخير.
* * *
إننى- وأرجو أن تصدقونى- أزعم أنه لم يعد لنا نحن العرب والمسلمين مكان فى الخريطة السياسية الدولية... لقد ألقونا كما "صرحوا بذلك" فى مزبلة التاريخ بعد أن حولونا إلى جثة ميتة كما يقولون، وبعد أن أصبح بعض حكامنا العرب والمسلمين أحرص على مصالح أمريكا وإسرائيل من مصالح أوطانهم، وبعضهم بلغ به الأمر إلى مرحلة مساعدتهم لقتل العرب عن طريق توفير النفط والغاز والمواقع التى تسمح لهم أن يضربونا عن قرب، مع تموينهم بالمؤن الغذائية وحرمان إخواننا منها. إن الاستعمار نفسه لم يكن يحلم بهذا السقوط الذى انحدر إليه بعض قادتنا، ولا بهذا التحنيط والتخدير الذى وصلت إليه كثير من شعوبنا... ولم يعد لنا من حلِّ إلا أن يظهر رجل خبير عاقل فى قامة (الملك فيصل رحمه الله) الذى نجح فى قطع علاقة أربعين دولة بإسرائيل، وتمكن بفضل إخلاصه لله من الإعداد الحق مع الرئيس أنور السادات لحرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973م وقطعه للنفط عن أمريكا وأوروبا، وتأسيسه منظمة المؤتمر الإسلامى التى كانت حيَّة فى عصره، ولكنها ماتت الآن بموتنا!!. لابد من رجل يظهر يقول للإرهاب الإسرائيلى والأمريكى: كفى... لقد تجاوزتم كل الحدود الإنسانية والأخلاقية والدينية، واختلت لديكم الموازين وازدوجت المعايير، وأصبحتم الخصوم والقضاة وألغيتم كل المنظمات الدولية ومحكمة العدل، وأصبح الحق ما رأيتموه حقا ولو كان واضح البطلان، وأصبح الباطل ما رأيتموه باطلاً حتى ولو كان حقاً تراه العيون وتلمسه الأيدى ولا يحتاج إلى دليل!! فأنتم لم تعودوا بشراً مثلنا... لقد عدتم وحوشا تفكرون فى إبادتنا كما أبدتم ثلاثين مليوناً من الهنود الحمر، وعشرين مليوناً من الأفارقة السود الذين اختطفتموهم ليكونوا عبيداً لكم!!
* * *
صدِّقونى يا أيها الحكام العرب والمسلمون ويا من يدورون حولهم: إن دبلوماسيتكم ونعومتكم واحتجاجاتكم وتوسلاتكم التى لم تجد أقل قدر من الإحترام حول قضية الإيقاع بالرئيس السودانى عمر البشير... هذه الأساليب كلها لن تكون إضافة إلا لصفحات الخزى والعار ولابد من موقف من مواقف الرجال... لابد أن يشعروا بقوة بأنكم بدأتم تمشون فى طريق المقاومة وبأنكم لم تستمروا فى طريق التنازلات والأكاذيب الدبلوماسية... اتركوا الشعوب بل حرضوها على الوقوف ضد هذا العار لأنه حماية لكم أيها العرب، وقفوا أنتم وراء الشعوب، لتقوم بالعمل الصحيح والتعبير الصحيح فى الوقت الصحيح. وكما ينطلق قادة إسرائيل- من أبطال الإبادة والتدمير- وهم يشعرون بأنهم مفوضون من الشعب وبأنهم يحققون رغبة إلههم الرب العبرانى (يهوه) فاتركوا أنتم شعوبكم أيضاً لتنطلق من دينها ومن الرغبة فى إرضاء ربها وأمتها وحضارتها. إن الرئيس عمر البشير... نذير لكم أنتم أولاً- والله سيحرسه ويحميه بعنايته- ثم بشعبه أيضا وكل المخلصين يقفون وراءه، ولكن المشكلة فيكم أنتم فأنتم مهددون بتقسيم أوطانكم وبالأطماع الأمريكية والإسرائيلية فى كل بلادكم وثرواتكم ويوماً ما سيشعرون بأنهم ليسوا فى حاجة إلى مداراتكم وسيأمرونكم بتفتيت الأوطان وقتل الأديان وفرض الدعارة والشذوذ وتدمير الأسرة باسم قرارات مؤتمر السكان. إن مصطلح (الإرهاب) عبر كل الإعلام الإسلامى والعربى يجب أن يتجه إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، فأمريكا- بالوثائق والأرقام- هى أكثر من ممارس الإرهاب فى القرن الماضى (العراق وأفغانستان هما آخر تجاربها) وقد استقدمت إلى العراق شركات أمن متخصصة مثل "بلاك ووتر" التى مارست ومازالت تمارس القتل على الهوية دون محاسبة فى العراق. وأمريكا هذه هى التى قتلت وعذبت العرب والمسلمين أبشع تعذيب فى سجن أبى غريب فى العراق وفى جوانتانامو وغيرهما من السجون الأمريكية المنتشرة فى دول أوروبية وغير أوروبية. ولا تصدقوا أن "أوباما" الرئيس الجديد- سيغير كثيراً من سياسة أمريكا نحو المسلمين والعرب بخاصة، فقبل أيام أمر أوباما بقصف الحدود بين أفغانستان وباكستان فى المنطقة القبلية بحجة ملاحقة القاعدة وطالبان، فسقط أربعون مدنيا ضحايا القذف الذى أمر به "أوباما" فى غارتين مع أن الرئيسين الحليفين لأمريكا الباكستانى والأفغانستانى كانا يأملان أن يوقف "أوباما" عمليات قتل المدنيين التى تثير غضب الشعوب، وقد تحركها ضد هذين الحليفين لأمريكا.. هذا على الرغم مما كان "أوباما" قد وعد به من إنهاء هذه السياسة التى تقتل المدنيين الأبرياء. فأمريكا وإسرائيل هما موطن الإرهاب... وأخطاء بعض المحسوبين على الإسلام إنما هى فى الأغلب محاولة لمقاومة الإرهاب الأمريكى الإسرائيلى الذى يدعمه بعض الحكام العرب والمسلمين، بحيث لم يعد لبعض الحكام حديث إلا عن الإرهاب ومقاومة الإرهاب فى بلادهم، تاركين بلادهم تنحدر إلى أسفل سافلين. وإن كنا ندين الإرهاب بكل أشكاله. إن الكاتب الفرنسى "جيوم واسكابيه" فى كتابه (العمليات السرية الإسرائيلية) يقول: إن إسرائيل تاجرت كثيراً بموضوع المحرقة (الهلوكوست) لكنها منذ ستين سنة ترتكب عشرات المحارق (الهولوكوست) ضد الفلسطينيين... فكم النسبة بين ما أصاب إسرائيل فى محرقة واحدة وما أصاب الفلسطينيين فى عشرات المحارق الإسرائيلية؟ ويقول الكاتب: لقد مارس الإسرائيليون ضد العرب أكثر من مائة مرة ما مارسه النازيون ضدهم، وأصبحنا نرى إسرائيل تهدم البيوت على الأطفال والشيوخ والعجزة باسم محاربة الإرهاب، كما حدث فى مجازر جنين ورام الله وغزة... وقد وصلت الضغينة والحقد (ببيريز)- كما حكى (إيهود باراك) أن قال بوضوح فى حديث مع التلفزيون الألمانى قناة "R.T.R" بأنه يُكنُّ الضغينة للعرب وأن نهاية الحرب فى منطقة الشرق الأوسط مربوطة بإلغاء دور العرب فى العالم وإجبارهم على العودة إلى خيامهم وإبلهم.!! هل عرفتم من هم الإرهابيون أيها العرب؟.. وهل مازلتم تأملون فى سلام.. وتفاوض وتنازلات وطنية وقومية رخيصة تصل لحدّ الخيانة مع هؤلاء الذين لا يشفى صدورهم إلا إلغاء دوركم فى العالم وعودتكم إلى الخيام والحمير والإبل؟ فصدّقونى: لابُدَّ أن تبدأوا مرحلة المقاومة.. ومواجهة هذا العبث مواجهة الرجال.. ولتتذكروا الملك فيصل.. وإذا صعب عليكم تذكّر فيصل.. فلتتذكروا (شافيز) رئيس فنزويلا فى أمريكا اللاتينية.. والتى كانت مواقفه فى أحداث غزة بطولية، مع أنه تحرك بمشاعر إنسانية وأخلاقية فطرد السفير الإسرائيلى وسحب سفيره من إسرائيل وحرك مظاهرات مليونية تدين الإبادة الإسرائيلية لشعب غزة..!! > > >
إن الطريق إلى القيادة الصحيحة والحقة مازال مفتوحاً.. والبداية هى القيم الإيمانية والعقل الرشيد.. وبالتالى غربلة مؤسساتنا.. بدءاً من منظمة المؤتمر الإسلامى وجامعة الدول العربية.. ففى كلتا المؤسستين أعضاء لا يستحقون شرف العضوية.. وهم عيون للأعداء، ويدمرون المنظمتين من داخلهما.. فإنه ينبغى بناء المؤسسات بعدد أقل بعد فصل الخونة والمنبطحين والمخذّلين الذين تهمهم علاقتهم بالأعداء أكثر مائة مرة من علاقتهم بالله- أو بالدين.. أو بالأمة أو الوطن العربى والإسلامى.. وفى هذه الغربلة لن يسمح بوجود اتفاقيات ثنائية مع العدوّ تكون فيها الاتفاقيات مع الأعداء فوق قوانين منظمة المؤتمر الإسلامى وجامعة الدول العربية... وتُلغى بالتالى فعالية قوانين المنظمتين، وتصبح عضوية بعض الأعضاء فيهما عبئاً ثقيلاً.. تأخذ ولا تعطى.. وتضرّ ولا تنفع.. فلابدَّ من أن تعلو القوانين الأساسية للمنظمتين الدوليتين فوق كل القوانين مع العالم الخارجى.. وفوق كل مقررات المؤتمرات الماسونية المشبوهة.. ولا سيما بعد أن وصلنا إلى مرحلة اليأس من منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية.. وحبذاً أن يأتى اليوم الذى يصل فيه قادتنا إلى مرحلة من المقاومة الشريفة (العملية) فنعلن خروجنا من هذه المنظمات التى أصبحت أمريكية صهيونية.. ولا مكان فيها لآخرين!!
* * *
وأخيراً: إن الرئيس عمر البشير.. نذير لكم يا ولاة أمورنا.. ولعل القادة وبطاناتهم والمفكرين العرب والمسلمين جميعاً.. يلتقون على بداية المواجهة لهذه العولمة الصهيونية الأمريكية.. التى اعتقدت أن امتنا قد ماتت.. وقد تودّع منها.. مع أنهم لايعلمون- أنها أمة قادرة- دائماً- على الأنبعاث.. وأن المفتاح بيديها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد: 7). فانصروا الله واعبدوه.. ولا تعبدوا أمريكا أو إسرائيل أو (المعتقلات الدولية) المسماة بالمنظمات والمحاكم الدولية (وهى خادمة لأعدائنا خدمة مطلقة، وقد صنعوها من أجلهم وحدهم). {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (يوسف: 40). وقد نصر الله يوسف المؤمن الواثق فى ربه.. وأخرجه من سجنه، وجعله على خزائن الأرض.. {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (يوسف: 90). ثبَّتك الله أيها البشير كما ثبت يوسف، وجعلك نذيراً للغافلين، وإماماً للمهتدين الجادّين فى التوبة النصوح والعودة إلى الله.
*رئيس تحرير مجلة التبيان- مصر

ليست هناك تعليقات: