الثلاثاء، 6 مايو 2008

إخترت للكنديين

جريدة المصريون
مبروك على الكنديين !
الأستاذ/جمال سلطان : بتاريخ 5 - 5 - 2008
أخيرا جاء الفرج للشركة الكندية التي تؤسس مصنع "اجريوم" في رأس البر ، حيث قرر مجلس الشعب تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول المشروع ، وهذا يعني ـ في الخبرة المصرية ـ أن القرار أصبح يميل بوضوح إلى مباركة تأسيس المصنع في رٍأس البر ، لأنه في العادة تكون مهمات مثل هذه اللجان التغطية على القرار الذي تم اتخاذه بالفعل ، وهو ما تستشعره من كلام رئيس البرلمان ووزير شؤون مجلس الشعب والوزراء وممثلي الوزارات المعنية بالمشكلة ، وزير البترول سامح فهمي انفعل بشدة في البرلمان وهو يدافع عن الشركة الكندية وعن المصنع ، وهدد بأن عدم إقامة المصنع "في رأس البر" سوف يضر بسمعة الاستثمار في مصر ضررا بالغا ، وهذا كلام غير مسؤول بالمرة ، ويعني أن الرجل يتعامل مع الشعب المصري وكأنه قطع من أخشاب وسط أفريقيا ، وليسوا بشرا أو بني آدميين ، فالذي شد انتباهه وحرك مشاعره ليس صحة ملايين المصريين وإنما مصالح الشركة الكندية التي مسحها في أكذوبة سمعة الاستثمار في مصر ، رغم أن عشرات الدول المتقدمة والمتخلفة تلغي مثل هذه المشروعات إذا ثبت لديها أنها تهدد البيئة أو الصحة العامة أو حتى إذا ما اعترض عليها المواطنين بما يشبه الإجماع ، لأن مصلحة الأمة والمجتمع أسبق من مصلحة أي مستثمر سواء كان محلي أو أجنبي ، سامح فهمي وضع نفسه في قلب علامة استفهام كبيرة ، لأن الرشوة التي قدمتها الشركة ، والتي يحاول الجميع الآن التخفيف من مغزاها وأحيانا التشكيك في وجودها أساسا ، المتهم الرئيسي فيها هي وزارة سامح فهمي ، ويأتي دفاعه المستميت عن المشروع رغم الهياج الشعبي ورغم توجهات رئيس الجمهورية لكي يضع علامة استفهام كبيرة ، فما سر هذه الحماسة للمشروع الكندي يا باشمهندس ، ثم إني أعتقد أن في مصر وزارة مختصة بالاستثمار وأنها لم تصبح بعد ملحقة بوزارة البترول ، وهي المخولة بالحديث في هذه الأمور ، ممثلة وزارة البيئة ، وهي بيئة صحيح ، قالت أن الانبعاثات المتوقعة من المصنع هي في حدود المسموح قانونا ، طبعا الانبعاثات المعنية تشمل ـ حسب التقارير العلمية ـ عنصر اليوريا ، وهذا وحده ، دون أي مخلفات أخرى ، يسبب أضرارا جسيمة تؤدي إلي احمرار بالعين والجلد والصداع والغثيان والقيء والإغماء وفقدان الاتزان ونقص البوتاسيوم والصوديوم ، حسب التقارير المنشورة ، طبعا هذا لا يعني "البيئة" ، لكن المستفز فعلا في كلام ناس "البيئة" ، ما قالته رئيسة جهاز البيئة بكل جليطة أمام مجلس الشورى من أن دمياط ليست ضمن "المحميات الطبيعية" التي تشكل 15% من مساحة مصر ، وكأنها استكثرت على "البشر" في دمياط أن تكون لهم حماية مثل الحيوانات والأسماك وأشجار البرية ، وللأمانة فإن الكثير من التصريحات الحكومية من أجهزة ووزارات فيما يتعلق بقضية مصنع أجريوم تعطي انطباعا صريحا بأن الحكومة المصرية لا تتعامل مع مصالح شعب وبني آدميين ، وإنما تتعامل مع مصالح أخرى تماما ، في الداخل والخارج ، والمشكلة عندما تثار تصبح محصورة لديها في كيفية إسكات الناس طوعا أو بعصا الأمن المركزي ، إذا فشلت في تضليلهم بالتصريحات واللجان والتقارير الفشنك والأحكام إياها .

ليست هناك تعليقات: