السبت، 19 أبريل 2008

إخترت لك

في المصري اليوم كتب الأستاذ محمود الزلاقي هذا كلام الوجيه (وإن كان مش وقته).


هذه إجريوم فماذا عن موبكو؟

بقلم محمود الزلاقى ١٩/٤/٢٠٠٨
أطلق الدكتور محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط اعتراضه علي إنشاء شركة أجريوم في هذا المكان المتميز علي القناة الملاحية التي تفصل ميناء دمياط عن الضلع الرابع لجزيرة رأس البر، الحق أن محافظ دمياط هو الذي أوصل رأس البر إلي هذا الحد الطبيعي لتصبح جزيرة رأس البر، كان السائد هو أن رأس البر شبه جزيرة، وأثناء إعدادي لكتابي «رأس البر.. الملتقي» سألني هل رأس البر جزيرة أم شبه جزيرة! فأجبته بثقة: شبه جزيرة، ففرد أمامي خريطة مصورة بالأقمار الصناعية وأشار إلي القناة الملاحية وقال: أو ليس هذا هو الضلع الرابع لرأس البر، فأجبته بالإيجاب.. فقال إذن رأس البر جزيرة، وأضاف: توسعات رأس البر المستقبلية والتي تسير بخطوات متسارعة ستصل إلي هذا الحد وخصوصاً مشاريعنا بالعودة بشكل ما إلي رأس البر القديمة بعششها وبساطتها ونمط الحياة فيها والتي تعيش في ذاكرة عشاق رأس البر.

لاشك أن الدكتور أضاف كثيراً إلي رأس البر وغير فيها الكثير، وصحيح أيضاً أن الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ دمياط الأسبق قد بذل جهداً كبيراً وأضاف كورنيش رأس البر علي البحر وهو أمر في غاية الأهمية، ولكن من حسن حظ دمياط أن أتي بعده عاشق لرأس البر هو الدكتور البرادعي ونحن نقول هذا إرضاء لضمائرنا، الحق أن كل من تولي محافظة دمياط اهتم برأس البر، ولكن الإنجازات تتفاوت بينهم من درجة الاهتمام ووفقاً للإمكانيات المتاحة، ولكن الإمكانيات المتاحة لرأس البر في عهد البرادعي كانت بلا سقف ولذلك كان سخياً جداً في الإنفاق علي رأس البر.. وعندما أصبحت المدينة الساحلية عروساً تتباهي وتتهادي أمام الناظرين جاءت مشكلة مصنع «أجريوم» الذي من سوء الحظ أن يقع اختيار إقامته علي هذا المكان..

حرص الدكتور البرادعي علي رأس البر جعله يشعر بالقلق، هذا القلق انتقل إلي كل الناس، الحقيقة كل الناس الذين يعترضون عن حق أو غير ذلك.. أصبحت قضية عامة، هاجساً في البيوت يعيش في نفوس الناس ولا تستطيع أن تنكره أو تتجاهله، وبينما المصنع منهمك في إنجاز مشروعه إذا بالخناق يضيق عليه شعبياً، ربما يكون المصنع علي أعلي قمة في التكنولوجيا ولكن من يعرف الدمايطة هم لا يتركون فرصة للاحتمالات، لأن رأس البر هي ابنتهم المدللة وهي العروس التي يتباهي بها كل دمياطي وهي ضنينة علي الناس ليزدادوا بها تعلقاً، فهي لا تريهم وجهها الجميل ولا تكشف عن سرها إلا ثلاثة أو أربعة أشهر كل عام فيعود المشتاقون والملهوفون إليها في العام التالي أكثر لهفة وأشد حباً وحنانا.

ولكن في الواقع أري أن هذا الهلع والخوف هو نصف هلع، وهذه الحقيقة هي نصف حقيقة فقط.. ولكي يكون انفعالنا في محله وثورة الناس في محلها لابد -كمؤرخ- أن أطرح سؤالاً أراه مهماً.. وأري من طرحه ضرورة، وهو: وماذا عن مصنع موبكو.. فبجوار مصنع أجريوم (الذي سينتج ٢٤٠٠ طن / يوم أمونيا، و٠٠٠.١٤٠ طن / يوم يوريا).. يوجد مصنع آخر قد تم إنجازه بالفعل وهو مصنع موبكو.. شركة مصر لتصنيع البترول، الذي تم إنشاؤه عام ٢٠٠٥، وهو يقع غرب القناة الملاحية وهو ينتج ٢٠٠.١ طن / يوم أمونيا و٩٢٥.١ طن / يوم يوريا.. هو إذن يقدم نفس المنتج الذي يصنعه مصنع أجريوم، وبالتالي فسوف ينتج عنه كل ما يخشاه الدمايطة من تلوث البيئة وغيرها.. هو إذن يحمل في مضمونه وساعة تشغيله (في يوليو القادم) نفس ما يثار عن أجريوم فأتساءل بضمير مستريح وأرجو أن أسمع عنه إجابة.. لو كانت هناك إجابة.. وماذا عنه؟.. أريد أن يكون حكمنا عادلاً.. وما دمنا نخشي «أجريوم» فلماذا لا نخشي «موبكو».. وكيف نشأ وكيف تمت الموافقة عليه دون ما اعتبار للموقع أو للقرب من رأس البر.. أو ليس من واجبنا محايدين ومنتمين ومحبين لرأس البر أن نتساءل: هل نكيل بكيلين.. سنكون ظالمين لأنفسنا.. فليس موبكو ابن الليدي وأجريوم ابن الجارية السمراء.

الشيء الذي يشغل بالي أنا لا أتصور أن وزيراً مصرياً للبيئة يضلل في مجلس الشعب ويقدم معلومات مغلوطة.. أنا مواطن بسيط.. طيب.. أصدق الحكومة فلو كان ما ذكره كذباً أو تضليلاً أو مجرد طمأنة للرأي العام يكون قد ضلل الشعب وكذب علي أعضائه ووجبت مساءلته.. أيضاً وأنا أتابع هذه القضية -التي لا تتصورون كيف أصبحت هاجس دمياط.. ماذا لو عرف الشعب الدمياطي أن كل الذين تصدوا لموقعة أجريوم.. قد أغمضوا عيونهم عن موبكو وهو يحمل كل ما أثار مخاوفهم، وحتي لو أطفأ أجريوم أضواءه ورحل.. فسوف تتلألأ أضواء موبكو وستظل المشكلة قائمة.. فكيف سيكون رأي رجل الشارع الدمياطي.. أو ليس موبكو بالفعل هو الآخر.. خطراً يهدد رأس البر ودمياط.. هذا سؤال لابد أن يطرح.. بعض الذين ذرفوا الدموع كانت عيونهم علي أرض المشروع وعيونهم علي أرض المصنع ويعلنون عن رغبتهم في الحلول محله.. كيف ستكون هذه المنطقة قرية سياحية.. أو محمية طبيعية وبجوارها وملاصق لها «مجمع مبارك للبتروكيماويات» وأيضاً مصنع «موبكو»؟

أتعاطف مع كل الناس الذين خشوا علي صحتهم ولم يقتنعوا بأي أسباب تطمئنهم ولكن في ذات الوقت لابد أن أضع الحقيقة كاملة أمامهم.. حتي لا يصدموا أو يشعروا بأن المتشنجين في التليفزيون والذين استجابوا بشراهة للقنوات الفضائية ضللوهم أو أخفوا الحقيقة أو نصف الحقيقة عنهم.

أقول للدكتور البرادعي.. جهدك الذي بذلته في رأس البر يعطيك الحق بأن تفزع ولاشك أن الحكومة في ورطة شديدة.. ومشروعات الاستثمار في خطر كبير.. ولكن لابد من طرح الموضوع كاملاً بشفافية ويقظة ونحاول أن نجد لكل ذلك وليس لبعضه فقط حلاً.. فماذا أنتم فاعلون؟

ليست هناك تعليقات: